للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية في عصره: «نزع الملكية ليس من باب البيع الحقيقي المتوفرة فيه شروط البيع، وإنما هو اقتضاء إلزامي اقتضته المصلحة العامة لتوسعة شارع وخلافه، وتعويض المالك بهذا العوض» (١).

وإذا جوزنا ذلك فلا بد من مراعاة أمور لا بد من توفرها حتى تكون المعاملة سائغة شرعًا، من ذلك:

(١) ـ أن يكون في نزع الملكية مصلحة عامة للناس، وليست مصلحة خاصة لأفراد منهم.

(٢) ـ أن يكون تقدير المصلحة تلك إلى محكمة شرعية، وليست الجهة الحكومية المطالبة بنزع الملكية، فإذا قدرت المحكمة الشرعية بأن هناك حاجة عامة إلى هذه الأرض وقضت بذلك كانت الجهة الحكومية المعنية جهة منفذة لا أكثر.

(٣) ـ أن يكون التعويض فيه غبطة للمالك، بحيث يكون مقدار التعويض زائدًا عن ثمن المثل مراعاة للأضرار التي تلحق المالك، فإن المالك إذا خرج من أرضه قد يأخذ وقتًا طويلًا حتى يبني سكنًا آخر يؤويه وعائلته، مع ما يتطلبه البناء من مشقة ووقت، وإذا استأجر سكنًا آخر لحقه في ذلك خسائر مادية (٢).


(١) الاختيارات الجليلة من المسائل الخلافية بهامش نيل المآرب (٣/ ٨).
(٢) وطلبة العلم لهم في مقدار التعويض ثلاثة أقوال:
أحدها: وهو أضعفها، أن للوالي أن يأخذها بلا ثمن، وهو اختيار الشيخ علي الخفيف رحمه الله. وقد عرض رأيه في ذلك في بحث قدمه إلى المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية، وانظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي (٤/ ٢/ص: ١٠٠٢).
الثاني: الواجب ثمن المثل، وهو ما عليه أكثر الباحثين، ونص عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي، وسيأتي نقل القرار بنصه.
الثالث: وهو ما اخترته، أن يكون في الثمن غبطة للمالك بحيث يكون التعويض: ثمن المثل مضافًا إليه الأضرار الحاصلة بانتزاع ملكيته، وذلك أن الإنسان حتى يبني له سكنًا بديلًا سيتحمل أضرارًا، من ذلك أجرة لمكان يأويه وأولاده إلى حين الفراغ من بناء سكنه، مع ما يتحمله من مشاق البناء والقيام عليه، فلا يكفي أن يدفع له ثمن المثل، ولا يكون في ضمن التقدير تلك الأضرار والتكاليف التي سوف يتحملها نتيجة لذلك. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: لا ضرر، ولا ضرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>