للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضية التي سيق فيها الحديث: كما لو باع رجل عبده بشرط أن يكون له ولاؤه، أما قياس جميع الشروط التي تخالف مقتضى العقد على اشتراط الولاء فإنه قياس غير صحيح، وذلك أن الولاء ليس من الحقوق المالية، لما رواه الشيخان من حديث ابن عمر (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الولاء، وعن هبته) (١).

وروى ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عمر مرفوعًا: (الولاء لحمة كلحمة النسب) (٢)، فلا يقاس على الولاء غيره من الشروط المالية ولو كانت تخالف مقتضى العقد، وذلك أن كل شرط مالي، ولو كان مخالفًا للعقد قد قابله جزء من الثمن، فإذا بطل الشرط فهل يحق للمشتري أن يأخذ ما يقابله من الثمن بلا عوض، فمثلًا: إذا اشترط المشتري أن لا خسارة عليه، فشرطه هذا شرط يخالف مقتضى العقد، وإذا قبل البائع هذا الشرط فإن المشتري سوف يشتري المبيع بقيمة أكثر مما لو اشترها بدون هذا الشرط، وهذا معلوم، فيكون البائع قد قبض قيمة هذا الشرط الباطل، فإذا بطل الشرط، ولزم البيع بنفس الثمن، فقد أخذ البائع قيمة هذا الشرط الباطل بلا مقابل، فهل يحق له أن يأخذ قيمة هذا الشرط إذا صححنا العقد، أو نقول: يلزم البيع، وما زاد من الثمن مقابل هذا الشرط يرد إلى المشتري، وهذا هو مقتضى القواعد، لأن عوض الحرام حرام.

وإذا قلنا: بخصم قيمة الشرط، فإن البائع له أن يقول: لم أرض بإخراج المبيع من ملكي بهذا الثمن بعد الخصم، ومن شروط صحة البيع: رضا البائع بالثمن، ورضا المشتري بالمبيع، وهو ما لم يتحقق هنا، فإذا تراضيا على الثمن الجديد فليتعاقدا عليه بعد إبطال العقد بالصورة الأولى، وبهذا نكون قد توجهنا إلى الأخذ بقول الجمهور، وهو إبطال البيع وإبطال الشرط.

* * *


(١) صحيح البخاري (٢٥٣٥)، ومسلم (١٥٠٦).
(٢) صحيح ابن حبان (٤٩٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>