للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما من منع المصارفة بالوديعة المطلقة كالحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية (٣)، فينبغي أن يقول بالجواز بالوديعة المصرفية؛ لأن تعليل الحنفية للمنع: هو عدم ضمان الوديعة، لأن القبض في الوديعة المطلقة هو قبض أمانة، والقبض المستحق بالصرف هو قبض ضمان، وقبض الأمانة أضعف من قبض الضمان، فلا ينوب الأضعف عن الأقوى، فإذا علم أن قبض المصرف لما يسمى بالوديعة المصرفية هو قبض ضمان، اقتضى ذلك جواز الصرف عندهم.

وكذلك تعليل المالكية بالمنع من المصارفة بالوديعة المطلقة يقتضي جواز المصارفة بالوديعة المصرفية؛ لأن تعليل المالكية أن حق صاحب الوديعة متعلق بعين الوديعة ولم يتعلق حقه بذمة المودَع، فلم تقع المصارفة على ما في ذمة المودَع حتى يقال: إن ما في الذمة بحكم العين الحاضرة، أو بحكم المقبوض، وإنما وقعت المصارفة على عين الوديعة، وهي غائبة عن مجلس العقد، فإذا علم أن حق المودِع في الوديعة المصرفية متعلق بذمة المودَع، اقتضى ذلك جواز الصرف عندهم.

فالتعاليل التي احتج بها الفقهاء لمنع المصارفة بالوديعة، هي غياب الوديعة، أو عدم ضمانها من قبل المودع، والوديعة المصرفيه مضمونة على المصرف.

نعم يتنزل الخلاف فيها كالخلاف في المصارفة على ما في الذمة، وقد سبق بحث هذه المسألة، والحمد لله وبيان الخلاف فيها، والراجح من الخلاف، فأغنى عن تكراره. والله أعلم.

* * *


(١) المبسوط (١٤/ ٥٣)، الفتاوى الهندية (٣/ ٢٤٨)، البحر الرائق (٦/ ٢١١)، حاشية ابن عابدين (٥/ ٢٥٩). بدائع الصنائع (٥/ ٢٤٨)، تحفة الفقهاء (٢/ ٤٣).
(٢) المنتقى للباجي (٤/ ٢٦٣)، الشرح الكبير (٣/ ٣١)، التاج والإكليل (٤/ ٣١١)، الخرشي (٥/ ٣٩)، مواهب الجليل (٤/ ٣١١)، منح الجليل (٤/ ٤٩٧).
(٣) الأم (٣/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>