للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثالث:

أننا إذا قلنا إن المال الذي في يد المصرف هو أمانة في يده، فإن ذلك يمنعه من التصرف في المال المدفوع إليه، فإذا تصرف فيه كان آثمًا وغاصبًا.

فإن قيل: إنه تصرف بالإذن فلا يكون آثمًا. قيل: إن الأمانات إذا أذن أصحابها في التصرف فيها، انقلبت إلى قروض مضمونة إلى حين الوفاء، ولا يبقى أجيرًا يعمل لقاء أجر.

وأجيب:

بأن تصرف الأجير المشترك (المصرف) في النقد بناء على أن النقود لا تتعين بالتعيين، وقد قبضها بقصد تقديمها أو تقديم مثلها في المكان الذي عينه المحول طالب التحويل، وتصرف المصرف فيها لا يجعله مقترضًا؛ لأنه لم يقبضها أمانة.

الأمر الرابع:

أن الأجير، وهو المصرف لن يقوم بما استؤجر عليه، وهو إيصال المبلغ الذي دفعه إليه المستأجر إلى البلد المطلوب، بل سيحتفظ به ليقبض المستأجر بدلًا عنه في البلد الآخر، والإجارة لا بد في انعقادها من أجرة ليتحقق معناها، فبماذا يستحق الأجرة إذا لم يقم الأجير بالعمل.

وأجيب:

بأن المنفعة المقصودة من العمل قد تحققت وذلك بتهيئة النقود، وتحقق وجودها في المكان الذي يريده المؤجر، وذلك كما يكون بنقلها حسيًا يكون أيضًا بتوفير مثلها هناك في فرعه، أو لدى وكيله؛ لأن النقود لا تتعين بالتعيين، كما هو الراجح من قولي العلماء (١).


(١) نقلت هذه الاعتراضات مع الجواب عليها بشيء من التصرف، انظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي (٩/ ١/٢٦٠)، اجتماع الربوي مع غيره - للشيخ عبد الله المميان بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير من المعهد العالي للقضاء لم يطبع بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>