للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشقة تجلب التيسير، وقد صرح الفقهاء رحمهم الله باغتفار الجهالة في مسائل معروفة، في أبواب متفرقة، مثل جهالة أساس الحيطان، وغير ذلك ... » (١).

ويقول الدكتور عمر المترك رحمه الله:

«إنه وإن كان يحصل في الشركات نوع من الجهالة، إلا أن مثل هذه الجهالة تغتفر، حيث إنها لا تفضي إلى النزاع، والجهالة التي تؤثر في صحة العقد: الجهالة التي تؤدي إلى عدم إمكان تنفيذ العقد، أو إلى نزاع فيه، كبيع شاة من قطيع تتفاوت آحاده دون تعيين، فإن البائع يرغب عادة في إعطاء المشتري أدناه، والمشتري يرغب في أن يأخذ منه أحسنه وأغلاه، فيتنازعان، ويؤدي ذلك إلى عدم التنفيذ، أما الجهالة في مثل هذه المسألة، فلا تؤدي إلى نزاع؛ لأن البيع والشراء يجري في جزء معين، وهو معلوم للبائع والمشتري.

ولأن الناس محتاجون إلى هذه البيوع، والقول بعدم جوازها يؤدي إلى ضرر كبير، والشارع لا يحرم ما يحتاج إليه الناس، لأجل نوع يسير من الغرر، ولذا أباح بيع الثمار بعد بدء صلاحها مبقاة إلى الجذاذ، وإن كان بعض المبيع لم يخلق بعد، وأجاز بعض العلماء بيع المغيبات في الأرض، كالجزر، وما أشبهه، وبيع ما يكون قشره صوناً له كالعنب، والرمان، والموز في قشره قولاً واحداً، فإذا رئي من المبيع ما يدل على ما لم ير جاز البيع باتفاق، فكذلك الشركات يستدل على نجاحها وفشلها بما ظهر منها، واشتهرت به، وبيع الغرر نهي عنه؛ لأنه يفضي إلى أكل المال بالباطل، فإذا عارض ذلك ضرر أعظم من ذلك أبيح دفعاً لأعظم الفسادين باحتمال أدناهما، وهذه قاعدة مستقرة في الشريعة الإسلامية» (٢).


(١) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم (٧/ ٤٢، ٤٣) ..
(٢) الربا والمعاملات المصرفية (ص: ٣٧٢). وانظر أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة للدكتور: مبارك بن سليمان آل سليمان (١/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>