وبعده عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) وبعده عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الخيل ثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر .... ) فقد ترى من هذا أن الأحاديث تتضمن الخيل في نواصيها الخير، فأورد به حديث عروة، وما بعده، واعتمد في إسناد سفيان، عن شبيب بن غرقدة، قال: سمعت عروة، وجرى في سياق القصة من قصة الدينار ما ليس من مقصوده، ولا على شرطه مما حدث به شبيب عن الحي، عن عروة، فاعلم ذلك» انتهى كلامه رحمه الله، وهو كما قال. وساق المنذري دليلًا آخر على أن مراد البخاري ليس قصة الدينار، وإنما حديث الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، لو أراد البخاري مسألة بيع الفضولي لأوردها في كتاب البيوع. وتعقب الحافظ ابن حجر رحمه الله كلام ابن القطان والمنذري، وهذا نصه: «زعم ابن القطان أن البخاري لم يرد بسياق هذا الحديث إلا حديث الخيل، ولم يرد حديث الشاة، وبالغ في الرد على من زعم أن البخاري أخرج حديث الشاة محتجًا به؛ لأنه ليس على شرطه؛ لإبهام الواسطة فيه بين شبيب وعروة، وهو كما قال، لكن ليس في ذلك ما يمنع تخريجه، ولا ما يحطه عن شرطه؛ لأن الحي يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب، ويضاف إلى ذلك ورود الحديث من الطريق التي هي الشاهد لصحة الحديث؛ ولأن المقصود منه الذي يدخل في علامات النبوة، دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لعروة، فاستجيب له، حتى كان لو اشترى التراب لربح فيه، وأما مسألة بيع الفضولي فلم يردها، إذ لو أرادها لأوردها في البيوع، كذا قرره المنذري، وفيه نظر؛ لأنه لم يطرد له في ذلك عمل، فقد يكون الحديث على شرطه، ويعارضه عنده ما هو أولى بالعمل به من حديث آخر، فلا يخرج ذلك الحديث في بابه، ويخرجه في باب آخر؛ لينبه بذلك على أنه صحيح، إلا أن ما دل ظاهره عليه غير معمول به عنده، والله أعلم». =