مع علمهم بأن ذلك يعني إمضاء عقود الربا، وتكرارها، مع أن عقود الربا يجب فسخها بالإجماع، ثم أراهم يتحرجون من القول بجواز شركات التأمين التجارية للمنشآت مع أن عقود التأمين من عقود الغرر، وهي أخف بكثير من عقود الربا بل لا مقارنة بين العقدين.
لهذا أرى أن القول بالتحريم هو القول المتعين للأسباب التالية:
الأول: لا يجوز الاستدلال بالقواعد العامة فيما ورد فيه نص خاص، وذلك لأن النص العام لا يقضي على النص الخاص، ولا يقدم عليه، مع العلم أن دلالة العام على أفراده أقوى من دلالة القاعدة العامة على جزئياتها، وذلك لأن النص العام تلقيناه من قبل الشارع بخلاف القواعد العامة فهي قواعد مستنبطة وليس منصوصاً عليها، ولذلك تجد كل مذهب من المذاهب الأربعة قد يستقل ببعض القواعد التي لا يحتج بها بقية المذاهب الأخرى، كما أن القواعد أغلبية وليست كلية، فإذا كان الاستدلال بها يؤدي إلى تعطيل نص قطعي خاص امتنع الاحتجاج بها، فالنصوص الخاصة بتحريم يسير الربا لا ينازع فيها أحد بما فيهم المخالف، فتجاوز تلك النصوص إلى القواعد العامة ليس بالمنهج السليم.
ثانياً: أن القول بالجواز ليس منضبطاً أيضاً من الناحية الفقهية:
فهم يشترطون للجواز أن يكون الربا يسيراً، ثم يقولون: لا يغتفر اليسير بل يجب التخلص منه، فإن كان اليسير لا يغتفر لم يكن هناك فرق بين القليل والكثير بجامع التحريم في كل منهما.
ويشترطون التخلص من الربا لجواز المساهمة، ثم لا يرون التخلص مخلصاً إذا كان الربا كثيراً، فإن كان التخلص من الحرام هو شرط الجواز، فلماذا التفريق بين الكثير والقليل، فإذا كان التخلص من الحرام لم ينفع في الكثير فلن