للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريعة، لا من النصوص، حيث لم يرد بشأن المضاربة نص من القرآن الكريم، ولا من السنة النبوية، وكل ما ورد بشأنها، إنما هو أقوال نقلت عن بعض الصحابة تدل بمجموعها على أن التعامل بالقراض كان معروفاً عند العرب حتى جاء الإسلام، وإذا كان الأمر كذلك، كانت هذه الشروط الاجتهادية، تختلف باختلاف الأحوال والأزمان، وإذا كان الفقهاء قد اشترطوا أن يكون الربح مشاعاً كالنصف والثلث من أجل ألا يحرم أحد الطرفين من الربح في حال تحدد الجزء الذي يأخذه أحدهما، فإن هذه المشروعات مبنية على قواعد اقتصادية مضمونة النتائج، وما يأخذه صاحب المال من الربح بنسبة معينة من رأس المال قدر ضئيل بالنسبة لمجموع الربح الذي تدره المشروعات التي استثمرت فيها هذه الأموال، فكلا الطرفين استفاد، وانتفى الاستغلال والحرمان (١).

وإذا كانت علة المنع من تحديد مقدار الربح، من أجل ألا يؤدي ذلك إلى حرمان الشريك من الربح في حال لم يزد الربح على ذلك القدر، لم يكن هذا الشرط لازماً؛ لأن الفقهاء قد جوزوا صوراً من التعاقد يكون ما يأتي من العامل من ربح ليس محلاً للمشاركة؛ «لأنه إذا جاز في رأي بعض الأئمة، أن يعطى المال لآخر يعمل به، على أن يكون الربح جميعه لرب المال، ولا شيء للعامل كما في المواضعة، وإذا جاز أيضاً أن يجعل الربح جميعه للعامل، دون أن يكون ضامناً لرأس المال، ولا شيء منه لرب المال، وإذا جاز أن يكون الربح لأجنبي عن العقد، فأولى بالجواز: ما إذا جعل من الربح مبلغاً معينا لرب المال، والباقي منه للعامل إن وجد ربح، وإلا فلا شيء للعامل، ويكون العامل


(١) انظر معاملات البنوك وأحكامها الشرعية - لمحمد سيد طنطاوي (ص: ١٨٠ - ١٨١)، المصارف والأعمال المصرفية لغريب الجمال (ص: ١٤٢)، المنفعة والقرض العمراني (ص: ٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>