للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن اعتبرنا الشركة مبنية على الوكالة في التصرف، كما هو مذهب الجمهور، فالإشاعة لا تمنع من التصرف في المال، ما دام أن هذا التصرف قد أذن فيه الشريك.

وعلى مذهب الشافعية الذين يشترطون خلط المال قبل العقد، فإن الشيوع أبلغ من خلط المال عندهم؛ لأنه في الشيوع ما من جزء في المال إلا وهو مشترك بينهما.

قال النووي في الروضة: «ولو ورثوا عروضًا، أو اشتروها، فقد ملكوها شائعة، وذلك أبلغ من الخلط، فإذا انضم إليه الإذن في التصرف تم العقد» (١).

وأما قول ابن حزم: «لو ورثا سلعة، أو وهبت لهما، أو ملكاها بأي وجه ملكاها به، فلو تعاقدا أن يبتاعا هكذا لم يلزم؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله» (٢).

فابن حزم في هذا النص لا يمنع من المشاركة بالمشاع، وإنما يمنع اشتراط أن يكون الشراء بين الشريكين على سبيل الشيوع، ومذهب ابن حزم في الشروط من أضيق المذاهب، وهو لا يصحح إلا شرطًا جاء نص خاص في جوازه، والإذن به، والدليل على أن ابن حزم يجيز الشركة في المشاع أنه يشترط خلط المالين في الشركة لصحة الشركة، كمذهب الشافعية.

يقول ابن حزم: «ولا تجوز الشركة إلا في أعيان الأموال، فتجوز في التجارة بأن يخرج أحدهما مالًا، والآخر مالًا مثله من نوعه، أو أقل منه، أو أكثر منه، فيخلطا المالين، ولابد حتى لا يميز أحدهما ماله من الآخر، ثم يكون ما ابتاعا


(١) روضة الطالبين (٤/ ٢٧٧).
(٢) مسألة (١٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>