للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بأس بأن يوكل أحد الرجلين الآخر في أن يعمل عنه عملًا استؤجر عليه كما هو معنى شركة الأبدان اصطلاحًا، ولا معنى لاشتراط شروط في ذلك، فيكفي في الدخول فيها مجرد التراضي؛ لأن ما كان منها من التصرف في الملك فمناطه التراضي، ولا يتحتم اعتبار غيره، وهب أنهم جعلوا لكل قسم من هذه الأقسام ـ التي هي في الأصل شيء واحد ـ اسمًا يخصه، فلا مشاحة في الاصطلاحات، لكن ما معنى اعتبارهم لتلك العبارات، وتكلفهم لتلك الشروط، وتطويل المسافة على طالب العلم، وإتعابه بتدوين ما لا طائل تحته، وأنت لو سألت حراثًا، أو بقالًا عن جواز الاشتراك في شراء شيء وفي ربحه لم يصعب عليه أن يقول: نعم.

ولو قلت له: هل يجوز العنان، أو الوجوه، أو الأبدان لحار في فهم معاني هذه الألفاظ، بل قد شاهدنا كثيرًا من المتبحرين في علم الفروع يلتبس عليه الكثير من تفاصيل هذه الأنواع، ويتلعثم إن أراد تمييز بعضها من بعض، اللهم إلا أن يكون قريب عهد بحفظ مختصر من مختصرات الفقه، فربما يسهل عليه ما يهتدي به إلى ذلك، وليس المجتهد من وسع دائرة الآراء العاطلة عن الدليل، وقبل كل ما يقف عليه من قال وقيل، فإن ذلك هو دأب أسراء التقليد، بل المجتهد من قرر الصواب، وأبطل الباطل في كل مسألة عن وجوه الدلائل، ولم يحل بينه وبين الصدع بالحق مخالفة من يخالفه ممن يعظم في صدور المقصرين، فالحق لا يعرف بالرجال (١).

* * *


(١) انظر الروضة الندية محمد صديق خان (٢/ ٤٧٣)، وفقه السنة للسيد سابق (٣/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>