للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تحصيل الأموال من المشترين، وتسجيل عقود البيع والشراء، فلا خلاف في جواز ذلك؛ لأن مأخذ المنع عند القائلين بالمنع أن الدلال لا يحق له التوكيل فيما وكل فيه، وهو إنما وكل في البيع، وشركاؤه لم يتولوا إبرام العقد.

قال ابن تيمية: «فأما مجرد النداء، والعرض، وإحضار الديون فلا خلاف في جوازه» (١).

ويلحق بذلك إذا سلم المالك ماله إلى الدلالين مع علمه باشتراكهم، فإن ذلك بمثابة الإذن لهم في تولي البيع.

قال ابن تيمية: «تسليم الأموال إلى الدلالين مع العلم باشتراكهم إذن لهم» (٢).

وعلى فرض أن يقوم بالبيع غير من وكل به، فإن كان بحضور صاحبه كان ذلك بمنزلة الإذن منه بذلك، وإن كان ذلك بغيبته فما المانع من صحة ذلك، فإذا كان للأجير المشترك أن يوكل غيره بالقيام بالعمل، كالخياط، والنجار، والحداد، جاز للدلال أن يستنيب غيره في البيع؛ لأن الوكالة بأجر لا تخرج عن كونها إجارة، كما أن ثمن البيع لا يحدده الدلال، وإنما يحدده المالك، إلا أن يمنع من ذلك المالك بأن يقول له: لا يبع مالي إلا أنت، فهنا يجب على الدلال أن يتولى البيع بنفسه، وهذا بحد ذاته لا يمنع شركة الأعمال؛ لأنها شركة قائمة على الاشتراك في الكسب كما قلنا سابقًا، والله أعلم.

قال ابن تيمية: «ووجه صحتها أن بيع الدلال وشراءه بمنزلة خياطة الخياط، وتجارة التجار، وسائر الأجراء المشتركين، ولكل منهم أن يستنيب وإن لم


(١) الفتاوى الكبرى (٥/ ٤٠٤).
(٢) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>