للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجح ذلك ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى (١).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحوم الميتة جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه مشعر بأن النهي عن البيع، لأن من نهي عن أكل شيء، ثم باعه، فأكل ثمنه كأنه أكل ما نهي عنه، مثله في ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: ١٠] يدخل فيه ما لو باعه الرجل الرجل، فأكل ثمنه.

فيكون قوله: لا هو حرام، أي لا تبيعوا الميتة، فتأكلوا ثمنها، كما باع اليهود شحوم الميتة، فإنكم في هذا بمنزلة من أكل الميتة.

واستدل الخطابي على جواز الانتفاع بإجماعهم على أن من ماتت له دابة ساغ له إطعامها لكلاب الصيد، فكذلك يسوغ دهن السفينة بشحم الميتة، ولا فرق (٢).

ويدل على جواز الانتفاع أيضًا ما رواه الشيخان من حديث ابن عباس في شاة ميمونة، بلفظ: «هلا انتفعتم بإهابها، قالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حرم أكلها» (٣).

فهذا مشعر بحل الانتفاع بما عدا الأكل.

وأجاب الحنفية وغيرهم:

بأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا هو حرام: أي الانتفاع، فقال: يحرم الانتفاع بها، قال


(١) انظر زاد المعاد (٥/ ٧٤٩).
(٢) انظر فتح الباري (٤/ ٤٢٥).
(٣) البخاري (١٤٢١)، ومسلم (٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>