قصد المشتري الشراء لهما فإنهما يصيران شريكين في العين شركة ملك، فإذا بيعت هذه العين اشتركا في الربح.
يقول ابن تيمية:«ولم يجوزها الشافعي ـ يعني شركة الوجوه ـ بناء على أصله وهو أن مذهبه أن الشركة لا تثبت بالعقد وإنما تكون الشركة شركة الأملاك خاصة فإذا كانا شريكين في مال، كان لهما نماؤه، وعليهما غرمه ولهذا لا يجوز شركة العنان مع اختلاف جنس المالين ولا يجوزها إلا مع خلط المالين. ولا يجعل الربح إلا على قدر المالين، والجمهور يخالفونه في هذا، ويقولون: الشركة نوعان: شركة أملاك وشركة عقود وشركة العقود أصلًا لا تفتقر إلى شركة الأملاك كما أن شركة الأملاك لا تفتقر إلى شركة العقود. وإن كانا قد يجتمعان»(١).
ولو كانت الشركة لا تقوم إلا على مال مشترك ما صح عقد المضاربة، إذ إن عقد المضاربة ليس فيها مال مشترك، والمضاربة جائزة بالإجماع، وعلى التنزل أن الشركة لا تقوم إلا على مال مشترك، فإن الدين يعتبر مالًا عند الشافعية، كما هو مذهب الجمهور خلافًا للحنفية، وإذا كان الدين مالًا، والشركة منعقدة على الاشتراك في الديون، كانت قائمة على المال، والله أعلم.
وأما قولهم:(إن ما يشتريه كل منهما ملك له، ينفرد به) فهذا غير مسلم، بل إن ما يشتريه كل منهما ملك لهما، لأنه اشترى لنفسه بالأصالة، ولشريكه بالوكالة، فصار الملك مشتركًا.
وأما دعوى وجود الغرر في الشركة، فلم يتبين لي وجهه إلا أن يكون الغرر من جهة التفويض، فالوكالة مطلقة حيث عقدت الشركة على أن ما يشتريه
(١) مجموع الفتاوى (٣٠/ ٧٤)، الفتاوى الكبرى (٤/ ٢٠٦).