للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حلت العملة الورقية اليوم محل الدنانير والدراهم باعتبارها معيارًا لما يتعامل به الناس في كونها قيم الأموال والمتلفات، وأثمان المبيعات، وتلقى قبولًا عامًا كوسيط للتبادل، فأخذت حكم النقدين من كل وجه من حيث وجوب الزكاة فيها، وجعلها رأس مال في عقد السلم، وجريان الربا فيها إلى غير ذلك من الأحكام؛ لأن حقيقة النقد: هو كل شيء يجري اعتباره في العرف والعادة، ويلقى قبولًا عامًا كوسيط للتبادل، كما قال ابن تيمية رحمه الله: «وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبعي، ولا شرعي، بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح، وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به، بل الغرض أن يكون معيارًا لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها، بل هي وسيلة إلى التعامل بها، ولهذا كانت أثمانًا بخلاف سائر الأموال، فإن المقصود بها الانتفاع بها بنفسها، فلهذا كانت مقدرة بالأمور الطبعية أو الشرعية، والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض، لا بمادتها، ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيف ما كانت» (١).

وجاء في المدونة «لو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة» (٢).

فما جاز بالدنانير والدراهم جاز بالورق النقدي بجامع الثمنية في كل منهما، والله أعلم (٣).

* * *


(١) مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٥١ - ٢٥٢).
(٢) المدونة (٣/ ٣٩٥ - ٣٩٦).
(٣) هذا القول في الأوراق النقدية، وأنها في الثمنية قائمة مقام الذهب والفضة هو القول الراجح، وقد استعرضنا أقوالًا أخرى مع أدلتها في كتاب الصرف فلم أشأ أن أعيدها هنا دفعًا للتكرار فارجع إليها إن شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>