للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمعنى قوله: (وأن العامل طاع بالتزام الضمان) كلمة طاع بمعنى تطوع، والتطوع بالضمان من باب التبرع، وليس من باب الشروط.

وهذا ما فهمه القاضي ابن زرب تصديقًا لكلام ابن بشير وتلميذه ابن عتاب، قال ابن زرب: «فلو تبرع بالضمان وطاع به بعد تمام الاكتراء لجاز ذلك، قيل له: فيجب على هذا القول الضمان في مال القراض إذا طاع به قابضه بالتزام الضمان، فقال: إذا التزم الضمان طائعًا بعد أن شرع في العمل فما يبعد أن يلزمه» (١).

فتجد أن الكلام كله في باب التبرع بالضمان بعد لزوم العقد والشروع في العمل، وأن كلمة (طاع به) وردت في كلام ابن بشير وابن عتاب كما وردت في كلام القاضي ابن زرب، وكلها تعني التطوع بالضمان، ولا تعني الاشتراط، وإذا كان ذلك كذلك لم يكن كلام ابن بشير وابن عتاب خارقًا للإجماع؛ لأن مسألة التبرع بعد لزوم العقد وبعد الشروع في العمل مسألة أخرى تختلف عن اشتراط الضمان في صلب العقد، وسيأتي مناقشة ذلك إن شاء الله تعالى عند ذكر أدلة الأقوال.

ورأى بعضهم خرق الإجماع بقول قتادة وداود الظاهري وأبي حفص العكبري وابن تيمية والسعدي في صحة اشتراط ضمان العارية (٢).


(١) المرجع السابق.
(٢) انظر قول داود الظاهري في الحاوي (٧/ ١١٨).
وانظر قول أبي حفص العكبري في كتاب الإنصاف (٦/ ١١٣).
وانظر قول ابن تيمية في كتاب المبدع (٥/ ١٤٥)، الإنصاف (٦/ ١١٣).
وانظر قول الشيخ عبد الرحمن السعدي في المختارات الجلية ضمن المجموعة الكاملة (٤/ ٢/١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>