للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمانة، ولكن لما فسد الناس وظهرت خيانة الأجراء ضمن الصناع، وكل من تقتضي المصلحة العامة تضمينه من الأجراء المشتركين حيث تقوم به التهمة. وهو من باب الاستحسان (١).

«ووجه المصلحة فيه: أن الناس لهم حاجة إلى الصناع، وهم يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال، والأغلب عليهم التفريط، وترك الحفظ، فلو لم يثبت تضمينهم مع مسيس الحاجة إلى استعمالهم لأفضى ذلك إلى أحد أمرين:

إما ترك الاستصناع بالكلية، وذلك شاق على الخلق، وإما أن يعملوا، ولا يضمنوا ذلك بدعواهم الهلاك والضياع، فتضيع الأموال، ويقل الاحتراز، وتتطرق الخيانة، فكانت المصلحة التضمين» (٢).

يقول ابن رشد في المقدمات: «الأصل في الصناع أن لا ضمان عليهم، وأنهم مؤتمنون؛ لأنهم أجراء، وقد أسقط النبي - صلى الله عليه وسلم - الضمان عن الأجراء في الائتمان، وضمنوهم نظرًا واجتهادًا لضرورة الناس إلى استعمالهم، فلو علموا أنهم يؤتمنون، ولا يضمنون، ويصدقون فيما يدعون من التلف لتسارعوا إلى أخذ أموال الناس واجترؤوا على أكلها، فكان ذلك ذريعة إلى إتلاف الأموال وإهلاكها، وللحق أرباب السلع في ذلك ضرر شديد؛ لأنهم بين أن يدفعوها إليهم فيعرضوها للهلاك، أو يمسكوها مع حاجتهم إلى استعمالها فيضر ذلك بهم» (٣).

»


(١) الفواكه الدواني (٢/ ١١٧)، المنتقى للباجي (٦/ ٧١)، الفروق (٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨)، مواهب الجليل (٥/ ٤٣٠)، التاج والإكليل (٥/ ٤٣٠)، الخرشي (٧/ ٢٨).
(٢) الاعتصام للشاطبي (٢/ ١١٩).
(٣) المقدمات الممهدات (٢/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>