للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الشروع في العمل، وهذا الذي يمكن تخريجه على قول المالكية فيما لو تطوع عامل المضاربة بالضمان بعد لزوم العقد وشروعه في العمل، وفي هذه الحالة نقول:

إن كان التبرع ملزمًا لمن وعد به فإن الإلزام من طبيعة العقود، وليس من طبيعة الوعود على أصح أقوال أهل العلم، فيعتبر جزءًا من العقد فلا يصح؛ لأننا لو جعلنا الوعد ملزمًا صار ضمانًا لازمًا، وهذا لا يجوز.

يقول فضيلة الشيخ يوسف الشبيلي: «إقحام الوعد الذي في أصله تبرع في مسائل المعاوضات يحول الأمور إلى مسائل شكلية تتغير فيها الأحكام بمجرد تغير الأسماء: فيصح لمن اقترض مالًا أن يعد برده وزيادة عليه تطوعًا، ويكون هذا من باب الوعد الملزم، وليس من باب الاقتراض بفائدة.

ويصح لمن ابتاع سلعة قبل أن يملكها البائع أن نلزمه بالشراء؛ لأن هذا وعد ملزم، وليس من بيع ما لا يملك.

وإذا جاز أن نلزم الطرف الثالث بالوعد فلم لا يجوز أن نلزم المضارب إذا وعد بذلك، ولا يعتبر ذلك مشروطًا. وهكذا ما لا يستباح بالعقد يمكن استباحته تحت مسمى الوعد الملزم، والنتيجة التي لا مفر منها أن يصبح جوهر عمليات المصارف الإسلامية هو جوهر عمليات المصارف الربوية، والفارق يكمن في طريقة الإخراج» (١).

وإن كان الوعد غير ملزم، وكان هبة محضة، ولم يكن ثمة ثمن لهذا التبرع ولا فائدة مباشرة ولا غير مباشرة تعود إلى المتبرع فإن الوعد به صحيح، والوفاء به مستحب، ولا يلزم إلا بالقبض على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهذه الصورة غير موجودة في المعاملات المصرفية.


(١) الخدمات الاستثمارية في المصارف (٢/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>