وكذلك قول من قال: القرض، أو الإجارة، أو القراض، أو المساقاة، أو المزارعة، ونحو ذلك على خلاف القياس: إن أراد به أن هذه الأفعال اختصت بصفات أوجبت أن يكون حكمها مخالفا لحكم ما ليس مثلها فقد صدق، وهذا هو مقتضى القياس.
وإن أراد أن الفعلين المتماثلين حكم فيهما بحكمين مختلفين فهذا خطأ ينزه عنه من هو دون الأنبياء صلوات الله عليهم، ولكن هذه الأقيسة المعارضة هي الفاسدة كقياس الذين قالوا:{إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَاا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ}[البقرة: ٢٧٥] وقياس الذين قالوا (أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله؟) يعنون الميتة وقال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}[الأنعام: ١٢١]. ولعل من رزقه الله فهمًا وآتاه من لدنه علمًا يجد عامة الأحكام التي تعلم بقياس شرعي صحيح يدل عليها الخطاب الشرعي كما أن غاية ما يدل عليه الخطاب الشرعي هو موافق للعدل الذي هو مطلوب القياس الصحيح» (١).
والخلاف في المزارعة في كونها جارية على وفق القياس كالخلاف في المساقاة، بل قد تكون المزارعة أولى من الخلاف من المساقاة باعتبار أن الأرض في المزارعة يمكن تأجيرها بالدراهم والدنانير، فالمالك ليس مضطرًا إليها، بخلاف المساقاة فإن الشجر لا يمكن تأجيره، والله أعلم.