للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو نقول بالجمع، وهذا أقرب ويكون معنى (ما أقركم الله) ما قدر الله أن نترككم فيها فإذا شئنا أخرجناكم: أي أن الله قدر إخراجكم، والله أعلم (١).

أو يكون الإقرار عائدًا إلى مدة العهد، والمراد إنما نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا ثم نخرجكم إذا شئنا؛ لأنه كان عازمًا على إخراج الكفار من جزيرة العرب، كما أمر به في آخر عمره (٢).

جاء في شرح الزرقاني «ليس القصد بهذا الكلام عقد المساقاة، وإنما المقصود به أنها ليست مؤبدة، وأن لنا إخراجكم» (٣).

وقال الماوردي: «وإنما شرط ذلك في عقد الصلح، لا في عقد المساقاة» (٤).

وهذا أقوى من قول القرطبي: «ويحتمل أنه حد الأجل فلم يسمعه الراوي، فلم ينقله» (٥)، لأنه لو بين - صلى الله عليه وسلم - أجلًا لكان ذلك من شريعته - صلى الله عليه وسلم -، وما كان من شريعته فقد تكفل الله لنا بحفظه، فلما لم ينقل علم أنه لم يصدر منه - صلى الله عليه وسلم -.

وقد يؤخذ منه أن العقد اللازم إذا علق على مشيئة العاقدين أو أحدهما أصبح جائزًا، كما قال المالكية في مسألة مشابهة، إذا قال المؤجر: أجرتك داري كل شهر بكذا، فإن العقد غير لازم، ولكل منهما فسخه متى شاء، ويلزمه فيما سكن حصته من الكراء، وإن كان عقد الإجارة الأصل فيه اللزوم (٦).


(١) انظر فتح الباري (٥/ ٣٢٧).
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١٠/ ٢١١).
(٣) شرح الزرقاني (٣/ ٤٥٩).
(٤) الحاوي الكبير (٧/ ٣٥٨).
(٥) المرجع السابق.
(٦) جاء في الفواكه الدواني (٢/ ١١٩): «لا يلزم العقد إلا بنقد الكراء، فيلزم بقدر مانقد». وانظر التاج والإكليل (٥/ ٤٤٠)، الخرشي (٧/ ٤٤)، المنتقى للباجي (٥/ ١٤٤)، مقدمات ابن رشد (٢/ ٢١٤)، منح الجليل (٨/ ٢٣)، حاشية الدسوقي (٤/ ٤٤ - ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>