للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سبق بحث مشاركة المسلم للكافر في عقد الشركات، كما سبق بحث إجارة المسلم للكافر سواء كان أجيرًا خاصًا، أو مشتركًا في عقد الإجارة فانظر أدلة المسألتين فيما سبق.

وإن كان الكافر هو العامل فإنه جائز من باب أولى، وأرى جواز العقد حتى ولو علم رب المال أن الكافر يعصر حصته خمرًا، لأن عصره خمرًا كان بعد تملكه لحصته، وهو قد تملكها بعقد صحيح، وعمله ذلك لا يسأل عنه رب الأشجار، وإذا عصره الذمي إن كان يشربه، أو يبيعه لمثله لم يكن ذلك حرامًا عليه، ولا يحق لنا منعه في الإسلام إذا كان لا يجاهر بذلك، وإذا كان فعله مأذونًا فيه فكيف يكون فعله سببًا في تحريم العقد معه، وإن كان يفعل العصر ليبيعه على المسلمين كان حرامًا سواء كان تملكه للمعصور في عقد مساقاة أو في غيره، ولا يمكن من ذلك مطلقًا.

(ث-١٦٨) روى عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن إبراهيم ابن عبد الأعلى،

عن سويد بن غفلة، قال: بلغ عمر بن الخطاب أن عماله يأخذون الجزية من الخمر، فناشدهم ثلاثًا، فقال بلال: إنهم ليفعلون ذلك، قال: فلا تفعلوا، ولكن ولوهم بيعها، فإن اليهود حرمت عليهم الشحوم، فباعوها، وأكلوا أثمانها (١).

ورواه أبو عبيد من طريق إسرائيل، عن إبراهيم بن عبد الأعلى،

عن سويد بن غفلة، أن بلالًا قال لعمر بن الخطاب: إن عمالك يأخذون الخمر والخنازير في الخراج، فقال: لا تأخذوا منهم، ولكن ولوهم بيعها، وخذوا أنتم من الثمن (٢).


(١) مصنف عبد الرزاق (٩٨٨٦).
(٢) الأموال (١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>