للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا صح هذا الأصل الذي أصلناه وقدرناه، وقد علمنا أنه لا يعلم من الناس أن الولد بإطلاقه يقع على الذكر والأنثى إلا الخاص منهم العالم باللسان، وأكثرهم يعتقد أن الولد لا يقع إلا على الذكر دون الأنثى، وإن سألت منهم من له ابنة ولا ابن له: هل لك ولد؟ يقول لك: ليس لي ولد، وإنما لي ابنة، وجب أن يخصص بهذا عموم لفظ المحبس، ويحمل على أنه إنما أراد ولد ولده الذكور دون ولده الإناث، إذ الأغلب في الظن أنه لم يرد إناث ولده، إذ لا يعلم أن إناث ولده يسمون ولدا؛ كما يخصص عموم لفظ الحالف بما يعلم من مقاصد الناس في أيمانهم وعرف كلامهم.

وتحرير القياس من هذا أن يقال: إن هذا لفظ عام يقع في اللسان العربي على الذكر والأنثى من ولد المحبس، وولد ولده، فوجب أن يحمل على ما يقع عليه عند الناس في عرف كلامهم ووجه مقصدهم - وهو الذكر دون الأنثى من ولده وولد ولده، أصل ذلك قول من قال: فيمن حلف ألا يأكل لحمًا أو بيضًا، فأكل لحم الحيتان أو بيضها - أنه لا يحنث؛ لأن الحيتان ليست بلحم في عرف كلام الناس ووجه مقاصدهم - وإن كان لحمًا في اللسان العربي.

قال الله عز وجل: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: ١٤]، وهو قياس صحيح لا اختلاف في صحته عند جميع العلماء من أهل السنة القائلين بالقياس؛ لأن القياس - عندهم هو حمل الفرع على الأصل في نفي الحكم وإثباته بالعلة الجامعة بينهما:

فالفرع في مسألتنا هذه: قول المحبس حبست على ولدي وولد ولدي.

والحكم المطلوب هو نفي دخول ولد الأنثى من ولد المحبس وولد ولده تحت اللفظ الذي لفظ به المحبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>