للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مسند أحمد وسنن النسائي من طريق الحسن، عن عمران: لقد هممت أن لا أصلي عليه (١).

فدل هذا الحديث على أن الوصية بأكثر من الثلث باطلة، ولا تنفذ وصية، ولو كانت الوصية صحيحة لما غضب منه المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ولما قال فيه ما قال؛ لأن مثل هذا لا يقال إلا لمن فعل محرمًا.

قلت: محل الاتفاق بين القولين: أن الوصية بأكثر من الثلث إذا ردها الورثة بطلت، وإن أجازوها صحت، وهذا لا يختلف فيه الفقهاء.

ومحل الخلاف في توصيف إجازة الورثة، هل الإجازة تمليك من الورثة فتكون هبة، وتطبق عليها أحكام الهبة، أو بمنزلة إسقاط الحق، فتكون تنفيذًا للوصية.

والخلاف في هذه المسألة قولًا وأدلة هو نفس الخلاف في مسألة الوصية للوارث، هل تصح الوصية له، وتكون موقوفة على إجازة الورثة، أو لا تصح الوصية للوارث، وإذا أجازها الورثة فهل الإجازة هبة، أو وصية، وقد ذكرنا أدلة هذه المسألة في مسألة سابقة فلم نستقص ذكر الأدلة هنا اقتصارًا على ما ذكرناه هناك، وما لم نذكره هناك استوفيته هنا، ولله الحمد.

قال ابن قدامة: «والقول في بطلان الوصية بالزائد عن الثلث، كالقول في الوصية للوارث، على ما ذكرنا، وهل إجازتهم تنفيذ أو عطية مبتدأة؟ فيه اختلاف ذكرناه في الوصية للوارث» (٢).


(١). المسند (٤/ ٤٣٠)، والمجتبى (١٩٥٨).
(٢). المغني (٦/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>