للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في العناية عن وصية المرتد: «جائزة عندهما موقوفة عند أبي حنيفة، إن أسلم نفذ كسائر تصرفاته، وإلا فلا» (١).

وقال ابن الهمام: «وفي المرتدة الأصح أنه تصح وصاياها؛ لأنها تبقى على الردة، بخلاف المرتد لأنه يقتل أو يسلم» (٢).

وجاء في البحر الرائق: «من ارتد عن الإسلام إلى النصرانية أو اليهودية أو المجوسية فحكم وصاياه حكم من انتقل إليهم، فما صح منهم صح منه، وهذا عندهما، وأما عند أبي حنيفة فوصيته موقوفة، ووصايا المرتدة نافذة بالإجماع؛ لأنها لا تقتل عندنا» (٣).

وقوله: (بالإجماع) أي إجماع الحنفية.

وقد تكلمت على أدلة هذه المسألة في مبحث سابق عند الكلام على شروط الموصي فأغنى ذلك عن إعادة ذكر الأدلة هنا.

وقد رجحت أن الوصية لا تبطل بالردة، وكونها صحيحة لا يعني القول بصحة نفاذها، فهي تبقى صحيحة؛ لأنه يملك، وملكه باق على ماله كسائر تصرفاته، ويقضى من ماله ديونه، وكسبه بعد ردته كسب صحيح، فإن رجع إلى الإسلام قبل قتله نفذت وصيته، وإن قتل عقوبة له على ردته، أو مات بطلت وصاياه كسائر عمله، وهل يكون ماله لأقاربه المسلمين، أو يشاركهم فيه عموم المسلمين، حيث يصرف إلى بيت المال، والذي هو ملك لجميع المسلمين، قولان في هذه المسألة، وليس هذا موضع بحثها، والله أعلم.

* * *


(١). العناية (١٠/ ٤٩٥).
(٢). فتح القدير لابن الهمام (١٠/ ٤٩٥).
(٣). البحر الرائق (٨/ ٥٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>