للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيان هذه الجملة: إذا فعل في الموصى به فعلًا لو فعله في المغصوب لانقطع به ملك المالك كان رجوعًا، كما إذا أوصى بثوب ثم قطعه، وخاطه قميصًا، أو قباء، أو بقطن، ثم غزله أو لم يغزله، ثم نسجه، أو بحديدة ثم صنع منها إناءً أو سيفًا، أو سكينًا، أو بفضة، ثم صاغ منها حليًا، ونحو ذلك؛ لأن هذه الأفعال لما أوجبت بطلان حكم ثابت في المحل، وهو الملك؛ فلأن توجب بطلان مجرد كلام من غير حكم أصلًا أولى.

ثم وجه الدلالة منها على التفصيل: أن كل واحد منها تبديل العين، وتصييرها شيئًا آخر معنى واسمًا، فكان استهلاكًا لها من حيث المعنى، فكان دليل الرجوع فصار كالمشتري بشرط الخيار إذا فعل في المبيع فعلًا يدل على إبطال الخيار يبطل خياره، والأصل في اعتبار الدلالة إشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله للمخيرة (إن وطئك زوجك فلا خيار لك) .....

ولو باع الموصى به، ثم اشتراه، أو وهبه، وسلم، ورجع في الهبة لا تعود الوصية؛ لأنها قد بطلت بالبيع، والهبة مع التسليم لزوال الملك، والعائد ملك جديد غير موصى به، فلا يصير موصى به إلا بوصية جديدة» (١).

وقال الخرشي: «والرجوع يكون بأمور منها:

القول: كقوله أبطلت وصيتي، أو رجعت عنها.

ومنها: البيع، ما لم يشتره .....

ومنها: العتق للرقبة الموصى بها، ومنها الكتابة؛ لأنها إما بيع، وإما عتق،


(١). بدائع الصنائع (٧/ ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>