للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمشي، مع عبد الله رضي الله عنه، فقال:

كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء (١).

فلم يرشد الرسول إلى الاقتراض، ولو كان لمصلحة كمصلحة الزواج.

وقال شيخنا محمد بن عثيمين: «وظاهر كلام الفقهاء أنه مباح مطلقاً (٢).

وينبغي أن يقال: إنه مباح لمن له وفاء، وأما من ليس له وفاء فإن أقل أحواله الكراهة، ولهذا لم يرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل الذي أراد أن يتزوج وقال: ليس عندي شيء، إلى أن يقترض، بل زوجه بما معه من القرآن.

فدل هذا على أنه ينبغي للإنسان ما دام عنده مندوحة عن الاقتراض أن لا يقترض، وهذا من حسن التربية؛ لأن الإنسان إذا عوَّد نفسه الاقتراض سهل الاقتراض عليه، ثم صارت أموال الناس التي في أيديهم كأنها مال عنده لا يهمه أن يقترضها، فلهذا ينبغي للإنسان أن لا يقترض إلا لأمر لا بد منه، هذا إذا كان له وفاء، أما إذا لم يكن له وفاء، فإن أقل أحواله الكراهة، وربما نقول بالتحريم، وفي هذه الحال يجب عليه أن يبين للمقرض حاله؛ لأجل أن يكون المقرض على بصيرة» (٣).

* * *


(١). صحيح البخاري (١٩٠٥)، وصحيح مسلم (١٤٠٠).
(٢). لعل الشيخ يقصد بالفقهاء فقهاء الحنابلة، وإلا فإن فقهاء المالكية والشافعية لا يرون أن الاقترض مباح مطلقًا كما سبق النقل عن ابن رشد، وعن صاحب أسنى المطالب من الشافعية، والله أعلم.
(٣). الشرح الممتع (٩/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>