للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى عن عقود التبرع: {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} [النساء:٤].

وإذا لم يوجد الرضا، فإن كان عائدًا على أصل العقد كالإكراه على البيع أو على القرض لم ينعقد، وإن كان فقد الرضا لا يعود إلى أصل العقد، وإنما يعود على صفة في العقد، صح العقد، وثبت الخيار للعاقد، كما في العقد إذا انطوى على تدليس، أو كان في المبيع عيب، فإن العاقد قد رضي بالعقد، ولم يرض بالعيب أو بالتدليس.

وإذا لم يوجد الرضا بأصل العقد حتى ولو لم يكن هناك أكراه مادي، وإنما كان الباعث عليه الحياء، فمن العلماء من يرى أن ذلك حرام، ولا يجوز لفقد الرضا.

«حكى الغزالي أن من أعطى غيره شيئًا، وليس الباعث عليه إلا الحياء من الناس، كأن سئل بحضرتهم شيئًا فأعطاه إياه، ولو كان وحده لم يعطه، الإجماع على حرمة أخذه مثل هذا، لأنه لم يخرج عن ملكه لأنه في الحقيقة مكره بسبب الحياء، فهو كالمكره بالسيف» (١).

وقال شيخنا محمد بن عثيمين: «لو علمت أن هذا البائع باع عليك حياءً وخجلاً، فإنه لا يجوز لك أن تشتري منه، ما دمت تعلم أنه لولا الحياء، والخجل لم يبع عليك، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: يحرم قبول هدية إذا علم أن الرجل أهداها له على سبيل الحياء، والخجل؛ لأن هذا، وإن لم يصرح، بأنه غير راضٍ، لكن دلالة الحال على أنه غير راضٍ» (٢).

* * *


(١). مرقاة المفاتيح (٤/ ١٢٧٠).
(٢). الشرح الممتع (٨/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>