للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكون الدين يثبت في الذمة هذا مما لا خلاف فيه بين الفقهاء.

جاء في مجلة الأحكام العدلية: «الدين ما يثبت في الذمة .... » (١).

وقال ابن الهمام: والحاصل أن الدين إنما يثبت في الذمة» (٢).

وقال القرافي: ما لا يكون في الذمة لا يكون دينًا» (٣).

وإنما الخلاف في الاستدانة لبعض الجهات، كالاستدانة للوقف، والاستدانة للمسجد، والاستدانة لبيت المال، هل يقال: لا يصح الاقتراض لهذه الجهات لكونها لا تملك ذمة مالية؟

أو يقال: إن الاستدانة لها يكون دينًا لمن يقوم عليها من ناظر، أو إمام، أو قيم، فيطالب بالسداد من مالهم؟

أو يقال: لا مانع من ثبوت ذمة مستقلة لهذه الجهات، فتكون هذه الجهات أهلًا للإلزام والالتزام في الحقوق والواجبات المالية؟

فبيت مال المسلمين له ذمة مستقلة، والمال المودع فيه ملك له، وليس ملكاً للسلطان، ولا ملكًا للمسلمين، فما يملكه السلطان مستقل عما يملكه بيت المال، وإن كان السلطان نائباً فيه عن الأمة الذي هو واحد منها، وليس للسلطان حق فيه إلا كفايته لقاء عمله، وليس له أن يأمر لأحد منه بشيء إلا بحق ومسوغ شرعي، ومثله الوقف في الإسلام، فإنه مال محجور عن التمليك، والتملك،


(١). مجلة الأحكام العدلية، مادة (١٥٨)، وانظر الفروق للكرابيسي (٢/ ٢١٦)، فتح القدير (٣/ ٣٩٢)، التمهيد (٦/ ٢٩١)، المنثور في القواعد الفقهية (١/ ٣٩٢) و (٢/ ٢٥٢).
(٢). فتح القدير لابن الهمام (٣/ ٣٩٢).
(٣). الفروق (٣/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>