للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بدون شرط، فهي غير لازمة، وتصح بالاتفاق، حتى ولو كان النفع للمقرض وحده. وقد تكلمت على هذه الصورة.

وإن اشترط السفتجة للقرض، فإن كان النفع خاصًا بالمقرض منع بالاتفاق، أو كان خاصًا بالمقترض جاز بالاتفاق، وإن كان النفع لهما، فهي مسألتنا هذه، وفيها خلاف، وتسميتها سفتجة أو حوالة ليس هذا مناط الحكم، لأن العبرة بالعقود بالمعاني.

والسفتجة غالبًا ما يكون طرفها اثنين: المقرض والمقترض، ولو دخل طرف ثالث، فإن كان وكيلًا عنهما، لم يخرج العقد عن كونه بين المقرض والمتقرض؛ لأن يد الوكيل هي يد الموكل؛ فهو نائب عنه، وقائم مقامه، وهذه الصورة لا حوالة فيها، وإن كان الثالث ليس وكيلًا، وكان مدينًا للمستقرض، فهي حوالة، والله أعلم.

أما الحوالة فلا تكون أطرافها إلا ثلاثة، والطرف الثالث ليس وكيلًا، وإنما يتم فيها نقل الحق من ذمة المدين إلى ذلك الطرف الثالث، سواء أكان مدينًا أم متبرعًا، فعلم بهذا أن السفتجة لا تشبه الحوالة في كل صورها (١).


(١). وهذا يجعلنا نذكر صور السفتجة مما ذكره الفقهاء:
الصورة الأولى: أن يقرض شخص آخر ليوفيه المقترض بنفسه إلى بلد آخر، سواء دفعه إلى المقرض نفسه أو إلى وكيله، وفي هذا يكون المستقرض عازمًا على السفر بنفسه إلى بلد الأداء.
الصورة الثانية: أن يقرضه في بلد على أن يقوم المقترض بتكليف نائبه بدفع ما استقرضه إلى المقرض نفسه أو إلى وكيله في بلد آخر. ففي هذه الصورة قد يكون العازم على السفر هو المقرض نفسه.
الثالثة: أن يكون لشخص مال في بلدة غير البلدة التي هو فيها، فيأمر وكيله هناك أن يقرض إنسانًا مبلغًا من المال على أن يكون الوفاء في بلد المقرض.

الرابعة: أن يكون الرجل دائنًا بمبلغ من المال والمدين في بلد آخر، فيقترض مالًا من رجل في بلده، ويحيله بالدين الذي له على ذلك الرجل ليستوفي منه، وفي هذه الصورة تجتمع السفتجة والحوالة. انظر فتح القدير لابن الهمام (٧/ ٢٣٢)، المعونة (٢/ ١٠٠٠)، الشرح الكبير للدردير (٣/ ٢٢٥ - ٢٢٦)، منح الجليل (٥/ ٤٠٦)، تهذيب الأسماء واللغات للنووي (١/ ١٤٩)، وانظر السفتجة وعلاقتها بالتطبيقات المصرفية - للهاجري بحث مقدم لنيل درجة الماجستير (ص: ٢٦)، المنفعة في القرض - العمراني (ص: ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>