يرد بمشروعيتها، وإنما ينهى عما يضرهم، وهذه المنفعة مشتركة بينهما، وهما متعاونان عليها، فهي من جنس التعاون والمشاركة (١).
فلو فرض أن رجلين من أهل مصر التقيا في السعودية، واحتاج أحدهما إلى قرض، والمقرض يريد أن ينقل المال إلى مصر، والمقترض محتاج للمال في السعودية، وله مال في مصر، ولولا القرض لحمله ذلك إلى نقل ماله من مصر إلى السعودية، فيستقرض في السعودية، ويكتب لنائبه أن يوفيه من ماله في مصر، فهنا انتفع المقترض بالقرض، ولم يضطر إلى نقل ماله من بلده إلى السعودية، وانتفع المقرض أيضًا حيث لم يعرض ماله للخطر، أو مؤنة الحمل، فلا يوجد في أدلة الشرع ما يمنع من مثل هذه المعاملة، والله أعلم.
والقول بجوازها يعني جواز الحوالات المصرفية؛ على القول بتخريجها على أنها سفتجة، إذا لم يقترن معها صرف، والعمل عليها اليوم في بلاد المسلمين، لأن البنك عندما يأخذ من المحيل مبلغًا من المال، فإنما يقترضه؛ لأنه يتملكه، ويتصرف فيه تصرف الملاك، ويستحوذ على غنمه، ويتحمل غرمه، ويضمنه له، وكل ذلك ليس من شأن الودائع، بل هو سبيل القروض، فإذا حوله على فرع آخر ليوفيه له أو لوكيله في بلد آخر، فهذه سفتجة، وتسميتها حوالة لا يعني أنها من الحوالة الفقهية، وإنما اصطلاح درج عليه الناس، كما أطلقوا على ما يدفعه الناس للبنوك بالودائع، وهي قروض، وقد تكلمت عن توصيف الحوالة المصرفية في عقد الحوالة، فلله الحمد، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.