لمعرفته ودفعه، كالوصية بقضاء الديون المجهولة التي لا يعلمها إلا الموصي، وقد تكون غير ذلك كما سبق بيان ذلك في الكلام على أحكام الوصية ..
الثالث: أن الوصية تكون في الأعيان والمنافع والديون، وأما الهبة فلا تكون إلا في الأعيان، وأما هبة المنافع فيطلق الفقهاء عليها اسم العارية.
الرابع: أن الهبة لا تلزم بالقبول حتى تقبض، فإذا قبضت فلا يملك الواهب على الصحيح الرجوع عنها، واختار المالكية لزومها بمجرد القبول، وأما الوصية فتلزم بالقبول بعد الموت، ولو لم تقبض على الصحيح.
(٥) ـ الهبة تكون للوارث وغيره، ولا حد لمقدارها، وأما الوصية فتكون بالثلث فأقل ولغير وارث.
السادس: أن الهبة لا تصح من المحجور عليه بخلاف الوصية، والفرق أن الهبة فيها إضرار بالغرماء والوصية ليس فيها إضرار؛ لأنها لن تنفذ إلا بعد قضاء الدين.
السابع: أن الوصية تصح، ولو كان الموصى به غير مقدور على تسليمه وقت عقد الوصية، وأما الهبة فالفقهاء مختلفون في اشتراط القدرة على التسليم للموهوب.
فقيل: لا يشترط في الهبة القدرة على التسليم، وهو مذهب المالكية؛ لأن الهبة ليست من عقود المعاوضات، فالمعطي إما أن يغنم، وإما أن يسلم، فليس فيها قمار، إما أن يغنم وإما أن يغرم.
ولأن الوصية لا يشترط تملكها في الحال، فربما قدر عليها قبل الموت بخلاف الهبة.