للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرى الناس في الأعصار، ولذلك كانوا يبعثون بها على أيدي الصبيان الذين لا عبارة لهم.

فإن قيل: هذا كان إباحة لا هدية وتمليكًا.

فجوابه: أنه لو كان إباحة لما تصرفوا فيه تصرف الملاك، ومعلوم أن ما قبله النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتصرف فيه ويملكه غيره، ويمكن أن يحمل كلام من اعتبر الإيجاب، والقبول على الأمر المشعر بالرضا دون اللفظ، ويقال: الإشعار بالرضا قد يكون لفظًا، وقد يكون فعلًا» (١).

وقد تكلمت على أدلة هذه المسألة في عقد البيع، عند الكلام على البيع بالمعاطاة، وأدلة المسألتين واحدة، فأغنى ذلك عن إعادتها هنا، والراجح أن الهبة والهدية لا يشترط لها لفظ معين، فتصح بالقول كما تصح بالفعل الدال عليه.

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يهدى إليه، فيقبضه، ويتصرف فيه، ولم ينقل أن من أهدى قدم إيجابًا لفظيًا، ولا من قبل قدم قبولًا لفظيًا.

(ح-١١٠٧) وقد روى البخاري من طريق محمد بن زياد،

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتي بطعام سأل عنه: أهدية أم صدقة؟، فإن قيل صدقة، قال لأصحابه: كلوا، ولم يأكل، وإن قيل هدية، ضرب بيده - صلى الله عليه وسلم - فأكل معهم (٢).

(ح-١١٠٨) وقد روى البخاري من طريق هشام، عن أبيه،

عن عائشة رضي الله عنها:


(١). روضة الطالبين (٥/ ٣٦٥).
(٢). البخاري (٢٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>