للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقاً من ماله، فلما حضرته الوفاة، قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلى غنى بعدي منك، ولا أعز عليَّ فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث .... (١).

وجه الاستدلال:

وهذا الأثر نص في اشتراط القبض للزوم الهبة، حيث وهبها في صحته، ولم تقبضها حتى مرض، والإقباض في مرض الموت كالعطية، والعطية للوارث لا تصح.

ويجاب من وجوه:

الوجه الأول:

أن أبا بكر رضي الله عنه قد سماها هبة، حيث يقول: (كنت نحلتك)، وهذا دليل على انعقادها بذلك، ولو كانت لا تنعقد حتى تقبض لما أطلق عليها هذا الاسم، والقبض شرط للزوم العقد، وليس لانعقاده.

الوجه الثاني:

يحتمل أن هبة أبي بكر لم تنفذ لأنها لم تكن معينة، فهي من هبة المكيل قبل كيله، وهذا لا يصح إلا مقبوضًا، ولهذا ردها أبو بكر رضي الله عنه، لا لأنها لم تقبض؛ لأن قوله: جاد عشرين وسقًا: أي وهبتك عشرين مجدودة من هذه الثمار، فهي


(١). الموطأ (٢/ ٧٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>