وقد ذكر الشافعية وجه التفريق بين صحة بيعه وعدم صحة هبته:
«بأن بيع ما في الذمة التزام لتحصيل المبيع في مقابلة الثمن الذي استحقه، والالتزام فيها صحيح، بخلاف هبته، فإنها لا تتضمن الالتزام؛ إذ لا مقابل فيها فكانت بالوعد أشبه فلم تصح»(١).
ولماذا لا يعكس، فيقال: إن البيع يدور بين الغنم والغرم، والحصول على الدين غير مضمون، فإن حصل المشتري على الدين فقد غنم، وإن لم يحصل عليه فقد غرم، وأما الهبة فهي تبرع، والموهوب لا يخسر شيئًا، فهو إما غانم وإما سالم، ثم هب أن هبة الدين من قبيل الوعد بالهبة فماذا في ذاك، فلماذا يكون الوعد بالهبة باطلة، لماذا لا يصحح ذلك، ويكون عقدًا جائزًا، فإن قبضه لزم، وإن لم يقبضه لم يلزم.
الراجح:
أن هبة الدين لغير من هو عليه هبة صحيحة، وهل تنقل الملك إلى الموهوب له بمجرد العقد، أو تحتاج إلى قبض الدين من المدين، قولان كالخلاف في هبة العين، وقد ذكرنا هذا الخلاف في الكلام على توصيف عقد الهبة، والله أعلم.