للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في الأم: «وإذا وهب الرجل للرجل طعامًا فأكله الموهوب له، أو ثوبًا فلبسه حتى أبلاه وذهب؛ ثم استحقه رجل على الواهب، فالمستحق بالخيار في أن يأخذ الواهب؛ لأنه سبب إتلاف ماله، فإن أخذه بمثل طعامه أو قيمة ثوبه فلا شيء للواهب على الموهوب له إذا كانت هبته إياه لغير ثواب، ويأخذ الموهوب له بمثل طعامه وقيمة ثوبه؛ لأنه هو المستهلك له، فإن أخذه به فقد اختلف في أن يرجع الموهوب له على الواهب. وقيل: لا يرجع على الواهب؛ لأن الواهب لم يأخذ منه عوضًا فيرجع بعوضه، وإنما هو رجل غره من أَمْرٍ قد كان له أن لا يقبله» (١).

القول الثالث:

ذهب المالكية إلى أن الهبة إذا استهلكت في يد الموهوب له، ثم ظهر مستحق، فإنه يرجع على الواهب إن كان مليًا، وإن كان معدمًا أو لا يقدر عليه رجع على الموهوب له، وليس للموهوب له الرجوع على الواهب؛ لأن الهبة لا عهدة لها (٢).

الراجح:

أن الموهوب له لا يضمن شيئًا؛ لأن فعله ترتب على مأذون، وما ترتب على مأذون فهو غير مضمون إلا أن تكون العين الموهوبة قائمة، فإن الحق قد تعلق بعين المال، فبان أن الهبة لم تصح، فيرجع المستحق على العين فيأخذها، أما


(١). المرجع السابق.
(٢). الذخيرة (٩/ ٣٧)، المدونة (٥/ ٣٦٠)، التاج والإكليل (٥/ ٢٩١)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (٣/ ٦١٩)، الشرح الكبير (٣/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>