للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج الجمهور بأدلة منها:

الدليل الأول:

(ح-١١٥٤) ما رواه مسلم من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن،

عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه للذي أعطيها، لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث.

ويجاب عن الحديث بجوابين:

الجواب الأول: أن التعليل في قوله: (لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث) مدرجة في الحديث من لفظ أبي سلمة (١).


(١). حديث أبي سلمة، عن جابر في الصحيح رواه عن أبي سلمة، اثنان:
الأول: يحيى، عن أبي سلمة، عند البخاري (٢٦٢٥) بلفظ: (قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعمرى، أنها لمن وهبت له)، ورواه مسلم (٢٥ - ١٦٢٥) بلفظ: (العمرى لمن وهبت له).
الثاني: الزهري، عن أبي سلمة، ورواه عن الزهري جماعة:

الأول: الليث بن سعد، عن ابن شهاب عند الإمام مسلم (٢١ - ١٦٢٥) بلفظ: (من أعمر رجلا عمرى له ولعقبه، فقد قطع قوله حقه فيها، وهي لمن أعمر ولعقبه).
بزيادة ذكر التعليل إلا أنه بلفظ: (فقد قطع قوله حقه فيها).
الثاني: ابن جريج، عن الزهري، عند مسلم (٢٢ - ١٦٢٥) بلفظ: (أيما رجل أعمر رجلا عمرى له ولعقبه، فقال: قد أعطيتكها وعقبك ما بقي منكم أحد، فإنها لمن أعطيها، وإنها لا ترجع إلى صاحبها، من أجل أنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث). بزيادة ذكر التعليل.
الثالث: عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عند مسلم (٢٣ - ١٦٢٥) بلفظ: (إنما العمرى التي أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها)، قال معمر: وكان الزهري يفتي به.
فهذه الرواية من رواية معمر، عن الزهري، والراوي عن معمر صنعاني، وهو عبد الرزاق، ومعمر من أثبت الناس في الزهري خاصة إذا روى عنه صنعاني، وليس فيه زيادة التعليل، مما يؤكد أنها مدرجة.
الرابع: ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عند مسلم (٢٤ - ١٦٢٥) بلفظ: (قضى فيمن أعمر عمرى له ولعقبه فهي له بتلة، لا يجوز للمعطي فيها شرط، ولا ثنيا)، قال أبو سلمة: لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث، فقطعت المواريث شرطه. اهـ
فهنا ابن أبي ذئب فصل اللفظ المدرج من اللفظ المرفوع، فأضاف فائدتين: القطع بالإدراج، وأن الإدراج حصل من أبي سلمة، وليس من غيره.
وقد جاء في التمهيد (٧/ ١١٢) نقلًا عن الذهلي أنه قال: «حديث معمر هذا إنما منتهاه إلى قوله: هي لك ولعقبك، وما بعده عندنا من كلام الزهري».
قلت: قد رأيت من خلال التخريج أن الزيادة من قول أبي سلمة، وليست من كلام الزهري.
وقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح (بين من طريق بن أبي ذئب، عن الزهري، أن التعليل من قول أبي سلمة، وقد أوضحته في كتاب المدرج».

<<  <  ج: ص:  >  >>