للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث:

أن الوديعة إذا هلكت بما لا يمكن التحرز منه كحريق وغرق غالبين فلا ضمان على الوديع مطلقًا سواء أكانت بأجر أم بدون أجر.

وأما إن هلكت بما يمكن التحرز منه، فينظر: إن كانت بغير أجر، فلا ضمان على الوديع؛ لأنها هلكت بدون تعد ولا تفريط.

وإن كان الحفظ بأجر فإن عليه الضمان. وهذا مذهب الحنفية (١).

جاء في مجمع الضمانات: «الوديعة ما يترك عند الأمين، وهي أمانة في يد المودَع إذا هلكت لا يضمنها كما في الهداية وغيرها.


(١) مجمع الضمانات (ص: ٦٨)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٦٨)، فتح القدير لابن الهمام (٩/ ١٢٢)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٢٣٥)، غمز عيون البصائر (٣/ ١٣٣)، الهداية شرح البداية (٣/ ٢٤٢).
هناك تشابه واختلاف بين الوديع بأجر وبين الأجير المشترك:
فيتشابهان بأنهما لا يضمنان العين إذا تلفت بأمر غالب كحريق وغرق،
ويفترقان من وجهين:
أحدهما: أن المعقود عليه في الأجير المشترك هو العمل، والحفظ واجب تبعًا وليس مقصودًا في العقد، وأما في الوديعة فالمعقود عليه الحفظ، والأجرة في مقابل الحفظ.
الثاني: أن الوديعة بأجرة مضمونة بالاتفاق عند الحنفية إذا هلكت بما يمكن التحرز منه كالسرقة، والغصب. وأما الأجير المشترك ففيه خلاف بين أبي حنيفة صاحبيه.
فيضمن عند أبي يوسف ومحمد بن الحسن إذا هلكت ا لعين بما يمكن التحرز منه؛ لأن الأجرة في مقابلة العمل والحفظ.
ولا يضمن عند أبي حنفية؛ لأن الأجرة في مقابلة العمل فقط عنده، فحصل فرق بين المودع والأجير المشترك. انظر قرة عيون الأخيار لتكملة رد المحتار (٨/ ٤٧٠)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>