يقبضها المستعير لمصلحته، وما قبضه لمصلحته صح اشتراط الضمان عليه، بخلاف الوديعة فإن الوديع يقبضها لمصلحة مالكها، فافترقا.
وعندي أن هذه الأجوبة لا تقوم على رد الاستدلال، فالعارية على الصحيح ليست مضمونة، وإذا صح اشتراط ضمانها، فهو دليل على صحة اشتراط الضمان في عقود الأمانات لكن يشترط في الأمانة المضمونة أن تكون من عقود التبرع، كالوديعة والعارية، ولا يصح الاستدلال بهذا الحديث على صحة اشتراط الضمان في جميع الأمانات كضمان رأس مال المضاربة، أو ضمان العين المستأجرة لما بينا سابقًا، والله أعلم.
القول الثالث:
حكى ابن حبيب عن مطرف في ذلك تفصيلًا: وهو أنه إن كان شرط عليه الضمان لأمر خافه من طريق مخوفة، أو لصوص، أو ما أشبه ذلك، فيلزمه الشرط إن تلف في ذلك المعنى الذي خافه، وإن تلف في سواه، لم يلزمه الشرط (١).
ولم أقف على دليل على هذا التفصيل، ويمكن التماسه بأن اشتراط الضمان مطلقًا لا يصح لما سبق، واشتراط الضمان من أمر خاص كان المالك يحذره من طريق مخوفة أو لصوص فإذا قبله الوديع لزمه الضمان؛ لأن قبول اشتراط الضمان يعني تعهد الوديع للمالك بعدم حدوث ذلك، فإذا حدث هذا المخوف فكأن الوديع قد غرر بالمالك، فلزمه الضمان، والله أعلم.