خاصة إذا كان الباعث على الخلط هو مصلحة الوديعة حيث يكون خلطها بماله أحرز لها وأرفق به مما لو أفردها.
القول الثالث:
إن خلط الجنس بجنس مختلف كما لو خلط القمح بالشعير فعليه الضمان، وهذا باتفاق الحنفية، وسبق ذكر الأدلة في القول الأول.
وإن خلط الجنس بمثله كالشعير بالشعير، والحنطة بمثلها، فقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: يخير المالك إن شاء شاركه فيها، وإن شاء ضمنه.
وإن خلط مائعًا بجنسه، فقال محمد بن الحسن: يخير كما لو خلط الشعير بمثله.
وقال أبو يوسف: يجعل الأقل تبعًا للأكثر (١).
وجه قولهما: إذا خلط الحنطة بمثلها، فإن الوصول إلى عين حقه وإن تعذر صورة، إلا أنه غير متعذر معنى، لإمكان قسمته على قدر أملاكهما؛ فهو استهلاك من وجه دون وجه، فإن شاء ضمنه لتعذر الوصول إلى عين ماله صورة، وإن شاء اقتسمه معه لإمكان الوصول إلى حقه معنى.
ولم يفرق محمد بن الحسن بين خلط الشعير بمثله، وبين خلط المائع بمثله؛ عملًا بالقاعدة عنده: وهو أن الجنس عنده لا يغلب الجنس.
وفرق بينهما أبو يوسف اعتبارًا بالغالب. والله أعلم.