للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتحصل أمثاله، فيحرم اقتراضها كالقيميات، وإلا فيجوز تسلفها كالدراهم والدنانير في ظاهر المدونة (١).

° الراجح:

أرى أنه لا يجوز الاقتراض من الوديعة مطلقًا، حتى ولو كانت الوديعة مثلية كالدراهم، وسواء كان المقترض معسرًا أو كان موسرًا، لأن يد المودع يد أمانة، وقد وضعت على هذا المال للحفظ، وليس لشيء آخر، واقتراضها بدون إذن صاحبها يحوله إلى رجل غير أمين، فالإيداع عقد على حفظ العين، فهي تتعين بالتعيين، ولو كانت من الدراهم.


(١) جاء في الموطأ (٢/ ٧٣٥): «قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: إذا استودع الرجل مالاً فابتاع به لنفسه، وربح فيه، فإن ذلك الربح له؛ لأنه ضامن للمال حتى يؤديه إلى صاحبه».
قال الباجي في المنتقى في شرح عبارة الإمام مالك (٥/ ٢٧٩): «وهذا على حسب ما قال: إن من تجر بمال استودعه، فربح فيه فإن الربح له وقد اختلف قول مالك في جواز السلف من الوديعة بغير إذن المودع: فحكى القاضي أبو محمد في معونته أن ذلك مكروه.
وقد روى أشهب عن مالك في العتبية أنه قال: ترك ذلك أحب إلي، وقد أجازه بعض الناس، فروجع في ذلك فقال: إن كان له مال فيه وفاء، وأشهد، فأرجو أن لا بأس به.
ووجه الكراهية: ما احتج به القاضي أبو محمد; لأن صاحبها إنما دفعها إليه; ليحفظها لا لينتفع بها، ولا ليصرفها فليس له أن يخرجها عما قبضها عليه.
وفي المدونة من رواية محمد بن يحيى، عن مالك من استودع مالاً أو بعث به معه، فلا أرى أن يتجر به، ولا أن يسلفه أحداً، ولا يحركه عن حاله ; لأني أخاف أن يفلس أو يموت فيتلف المال ويضيع أمانته.

ووجه الرواية الثانية أنا إذا قلنا: إن الدنانير والدراهم لا تتعين ; فإنه لا مضرة في انتفاع المودع بها إذا رد مثلها وقد كان له أن يرد مثلها ويتمسك بها مع بقاء أعيانها». وانظر منح الجليل (٧/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>