أما المقدار الذي اقترضه فقد تعدى فيه فيجب عليه ضمانه، ولا يبرأ من الضمان برد البدل؛ لأن الضمان متعلق بالذمة، والبدل يكون ملكًا للوديع، وإنما يبرأ برد البدل إلى المودِع وهذا ما لم يحصل، لهذا استقر عليه ضمان ما أخذه.
وأما باقي الوديعة فلا ضمان عليه فيها حيث إن التعدي لم يتطرق إليها، ورد ماله إلى الوديعة لم يوجب ضمان الباقي؛ لأن المال المردود كان متميزًا عن باقي الوديعة، فلم يتعد الضمان إلى باقي الوديعة، أما لو خلط بدل القرض خلطًا لا يتميز، فقد خلط ماله بمال الوديعة، وخلط ماله بمال الوديعة بدون إذن المالك يوجب الضمان إذا لم يتميز.
القول الثاني:
الاقتراض من الوديعة عند المالكية له حالان: التحريم وعدمه.
فالتحريم، كما لو كانت الوديعة قيمية، أو كان المودع معسرًا.
وعدم التحريم كما لو كانت الوديعة مثلية يكثر توفر مثلها في السوق، وكان الوديع موسرًا. وسبق التفصيل في مذهب المالكية في المبحث السابق.
فإذا تسلف ما لا يحرم تسلفه، ثم رد بدله قبل تلف الوديعة لم يضمن (١).
(١) الخرشي (٦/ ١١٠)، مواهب الجليل (٥/ ٢٥٥)، الشرح الكبير (٣/ ٤٢٢)، منح الجليل (٧/ ٩)، التهذيب في اختصار المدونة (٤/ ٢٩٥).