للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أجرها فأي ذلك تخير كان ذلك له بإجماع» (١).

والحق أن خلاف داود الظاهري وغيره من أهل العلم يخرق الإجماع؛ وإنما الإجماع ما أجمع عليه المسلمون، قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥]، وداود رحمه الله من جملة المسلمين، فإذا خالف في مسألة فقهية، لم يكن ذلك سبيلًا مجمعًا عليه، وجزم ابن بطال بأن داود قال ذلك اتباعًا للهوى فيه ضيق وتعصب لا يحمد صاحبه، وما أدراك أنه قال ذلك اتباعًا للهوى، ولا يطلع على ذلك من داود إلا الله سبحانه وتعالى، ولا يزال هذا الضيق والتعصب يتوارث بين أهل العلم وغيرهم إلا من رحم ربي، من ذلك العصر إلى عصرنا هذا، والحق لا يعرف بكثرة أتباعه، وإنما يعرف بدليله، فالله المستعان.

القول الثاني:

لا يجب ردها بعد تعريفها، اختاره الكرابيسي من الشافعية (٢).

قال النووي في الروضة: «قال الكرابيسي من أصحابنا: لا يطالب بالقيمة، ولا برد العين عند بقائها» (٣).


(١) التمهيد (٣/ ١٠٧).
(٢) فتح الباري (٥/ ٨٤)، عمدة القارئ (٢/ ١١٢)، البيان للعمراني (٧/ ٥٣٥)، نيل الأوطار (٥/ ٤٠٩).
(٣) روضة الطالبين (٥/ ٤١٥)، فهذا نص على أن الكرابيسي لا يوجب رد العين بعد تمام التعريف، لكن جاء في الحاوي الكبير (٨/ ١٦): «وقال الكرابيسي إذا تملك الواجد اللقطة فلا غرم عليه لصاحبها، ولكن له الرجوع بها بعد التملك وإن كانت باقية بعينها».

وقال العمراني في البيان (٧/ ٥٣٥): «وقال داود: لا يرجع عليه ببدلها، ووافقه الكرابيسي من أصحابنا».
فظاهر كلام الماوردي والعمراني أن الكرابيسي لا يوجب رد البدل، وأما العين إذا كانت قائمة فإنه يوجب ردها، وعليه فيصير قول الكرابيسي بحسب قول الماوردي والعمراني يرجع إلى القول الثالث، وهو قول داود الظاهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>