لا يصح مع الجهالة، ولأن من ملك شيئًا ملك التصرف فيها، والمستعير لا يملك إجارة ما استعار، ولا إعارتها للغير على الصحيح، بخلاف المستأجر الذي يملك المنفعة، فهو يملك إجارتها وإعارتها للغير كمن أبيح له الطعام ليس له أن يبيحه لغيره (١).
والفرق بين التمليك والإباحة:
أن التمليك يستفيد به التصرف في الشيء كما يستفيده من عقد المعاوضة.
والإباحة: رفع الحرج من تناول ما ليس مملوكًا له.
فمن قال: إن العارية هبة منفعة أجاز للمستعير أن يعير، ومن قال: هي إباحة منفعة لم يجوِّز للمستعير أن يعير، وهو الصواب.
وعلى القول بأن العارية تمليك فإنها من باب تمليك الانتفاع، وليس من قبيل تمليك المنفعة، وبينهما فرق.
فتمليك الانتفاع: هو أن يباشر بنفسه الانتفاع فقط.
وتمليك المنفعة: أعم وأشمل، فيباشر بنفسه، وله أن يمكن غيره من الانتفاع بعوض كالإجارة، وبغير عوض كالعارية، ونحوها.
ومسألة تصرف المستعير بالمنفعة محل خلاف بين الفقهاء سيأتي إن شاء الله بحثها في مسألة مستقلة.
وقوله:(تمليك المنافع) أخرج البيع والهبة؛ لأنها من باب تمليك الأعيان.
(١) انظر الهداية شرح البداية (٣/ ٢٢٠)، المبسوط (١١/ ١٣٣)، تحفة الفقهاء (٣/ ١٧٧).