غلبت ما يحيط بالتشريح من هتك لحرمة الميت، وقاعدة الشريعة: ارتكاب أخف الضررين، والضرورات تبيح المحظورات، والله أعلم.
وهذا الجواز عند من قال به في ضوء الشروط الآتية:
الأول: أن يكون في الجناية متهم.
الثاني: أن يكون علم التشريح لكشف الجريمة بلغ إلى درجة تفيد نتيجة الدليل، كالشأن في اكتشاف تزوير التوقيعات، والخطوط.
الثالث: قيام الضرورة للتشريح، بأن تكون أدلة الجناية ضعيفة لا تقوى على الحكم بتقدير القاضي.
الرابع: أن يكون حق الوارث قائمًا لم يسقطه.
الخامس: أن يكون التشريح بواسطة طبيب ماهر.
السادس: إذن القاضي الشرعي.
السابع: التأكد من موت من يراد تشريحه لكشف الجريمة: الموت المعتبر شرعًا.
وأما التشريح للتعلم والتعليم، فحيث إن جثث الموتى من الوثنيين وغيرهم من الكفار ميسورة الشراء لهذين الغرضين بأرخص الأسعار، وأموال المسلمين نهابًا فيبذل قسط منها .... » أي في ذلك (١).
فخلصنا في نهاية البحث إلى أنه يجوز الانتفاع بجثة الميت بقصد التشريح لكشف الجريمة، والأمراض الوبائية، وبقي بالبحث جواز الانتفاع بأعضاء الميت، بما يسمى في الاصطلاح المعاصر زراعة الأعضاء، وبعضهم يفضل أن تسمى غرس الأعضاء، وهذا أدق.