مدين أصلًا، وإنما فيه التزام بجبر الضرر مقابل عوض مالي، والتزام مثل هذا لا يوقع في الربا.
لهذا لا أرى مانعًا من أخذ العوض على الضمان إذا لم يترتب على ذلك محذور شرعي، وإذا ترتب على ذلك محذور شرعي منع لا من أجل الضمان، ولكن لأن المعاملة تؤدي إلى الوقوع في ذلك المحذور مثله تمامًا سائر المعاملات المباحة إذا ترتب عليها محذور شرعي منعت، وينبغي أن يكون المنع في أخذ العمولة على ضمان الديون محل اتفاق بين الفقهاء حيث لم يخالف في ذلك أحد من العلماء المتقدمين، ومن حكا من المتأخرين جوازه فهو محجوج بالإجماع، وما حكي عن إسحاق ابن راهوية فلا أظن أنه يخرق الإجماع لعدم فهم المتأخرين لقول إسحاق، وربما كان العذر للمشايخ أنهم لم يقفوا على عبارة إسحاق، أما وقد طبع كتاب مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج فأعتقد أن كثيرًا منهم سوف يراجع قوله. وهذا هو الظن فيهم.
وبناء على هذا فيجوز أخذ العوض على الضمان في الحالات التالية:
الحال الأولى: إذا كان الضمان تبعًا، ولم يكن مفردًا بالذكر، ولا مخصوصًا بالأجر. كما لو اشترى الإنسان سلعة، وكانت مضمونة لمدة معينة مقابل زيادة في القيمة، فإن الضمان هنا تابع، وليس مستقلًا فلا أرى مانعًا من جواز تلك الزيادة في القيمة في مقابل الضمان، وجوازه ليس لأنه تابع فقط، بل لأن أخذه لا يؤدي إلى قرض جر نفعًا، ولو أدى إلى ذلك لحرم ولو كان تابعًا بدليل حديث القلادة.
الحال الثانية: يجوز أخذ العوض على الضمان إذا لم يكن ناشئًا عن دين أصلًا، وذلك مثل تغطية الإصدار في طرح الاكتتاب. وسيأتي بحث هذه المسألة إن شاء الله تعالى عند الكلام على سوق المال.