للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال الثالثة: يجوز أخذ العوض على الضمان فيما لو كان الكفيل مدينًا للمكفول بمثل المال المضمون، وهو ما يسمى بالضمان المغطى، فإن هذا لا يؤول إلى قرض جر نفعًا سواء سمينا هذه الصورة بالضمان، أو اعتبرناها وكالة بالدفع، وإن كنت أميل إلى اعتبار العقد من عقود الضمان؛ لأن الضمان في حالة كون قيمته مغطاة لا يخرج عن الضمان (١).


(١) والدليل على أن الضمان المغطى هو من باب الضمان، وليس من باب الوكالة مجموعة أدلة منها:
الدليل الأول: أن الوكالة عقد جائز، وهذا عقد لازم.
الدليل الثاني: أن الفرق بين الضمان والوكالة، أن الوكالة نيابة في الأداء فقط، وذمة الوكيل ليست مشغولة بالدين. أما الضمان فهو نيابة في التحمل فذمته مشغولة في تحمل الدين.
الدليل الثالث: أن العلاقة بين المستفيد وبين البنك علاقة ضمان مطلقًا لا يختلف في ذلك أحد، والمصرف إنما ضمن العميل لصالح المستفيد، فرجع إلى أن العميل مضمون عنه ولا بد؛ لأن عقد الضمان في خطاب الضمان أطرافه ثلاثة فسقط التكييف بأن خطاب الضمان بالنسبة للمستفيد كفالة، وبالنسبة للعميل هو عقد وكالة.
الدليل الرابع: أن المصرف لو كان وكيلًا لم يضمن المال الذي قبضه من العميل غطاء للضمان فيما لو هلك بلا تعد ولا تفريط، والواقع أن المصرف ضامن للمال الذي استلمه مطلقًا.

الدليل الخامس: أن هذا الغطاء هو قرض في ذمة المصرف؛ لأن المصرف يأخذه ويتملكه، ويستثمره، فيكون التكييف حقيقة: أن الضامن مدين للمضمون عنه بمثل مال الضمان إن كان خطاب الضمان مغطى كليًا، أو مدين ببعضه إن كان جزئيًا، ثم تحدث المقاصة بين الدينين إن تحمل المصرف دفع قيمة الضمان؛ لأن المال المغطى لا يكون مجمدًا لا يتصرف فيه البنك حتى يكون وكيلًا نائبًا عن المالك، ولذا أرى أن خطاب الضمان هو عقد كفالة مطلقًا غطي أو لم يغط، وجواز أخذ العوض على الضمان إذا كان مغطى بالكلية جائز ليس لأنه خرج عن كونه من عقود الضمان، وإنما لأن الضمان فيه لا يؤول إلى قرض جر نفعًا، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>