للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحنفية يرون أن هذه المنافع ملك، وليست مالًا (١).

وليس هذا هو الخلاف الوحيد بين الحنفية والجمهور في حقيقة المال، ولكن هذا هو الخلاف الذي يعنينا في مسألتنا هذه.

فإذا كانت الحقوق الفكرية كما يقول الشيخ علي الخفيف: «سلطة على شيء غير مادي، هو ثمرة فكر صاحب الحق، أو خياله، أو نشاطه، كحق المؤلف فيما ابتدعه من أفكار علمية، وحق الفنان في مبتكراته الفنية، وحق المخترع في مخترعاته الصناعية، وهكذا».

فإذا كانت الحقوق الفكرية تقع على شيء غير مادي لا يمكن حيازتها وادخارها فإن الخلاف في ماليتها يجب أن يجري عليها كما جرى الخلاف في مالية المنافع بين الفقهاء المتقدمين.

والحق أن مذهب الحنفية مذهب ضعيف جدًا، وغير معمول به في عصرنا، وقد دلت الأدلة الكثيرة على أن المنافع من الأموال، وقد سبق تفصيل ذلك في بحث سابق.

وإذا ثبت أن المنافع من قبيل الأموال، فإن إثبات المالية لها لا بد من توفر شرطين: الإذن بالتملك. وجريان التمول.

قال ابن عبد البر رحمه الله: «المعروف من كلام العرب أن كل ما تملك وتمول فهو مال» (٢). فأشار ابن عبد البر إلى الأمرين معًا: التملك والتمول.

فالشرط الأول لمالية الشيء هو الإذن بالتملك. بمعنى ألا ينهى الشارع عن


(١) سبق العزو إلى كتب الحنفية عند الكلام على مالية المنافع في مبحث ماض مستقل.
(٢) التمهيد (٢/ ٥ - ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>