للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول بأن الدولة ليست في مركز المعاوض، ولا تطلب مقابلًا لما تبذل، فلماذا إذا تعمل الدول على نماء هذا المال، واستثماره فيما يجوز، ومالا يجوز، وتقترض منه إذا احتاجت إليه، أليس هذا يعود عليها بالنفع، وهو عين ما يطلبه صاحب المال من ماله.

ولماذا لا يشرف على نظام التقاعد وزارة الأوقاف، إذا كان صندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية أو مصلحة التقاعد صندوقًا وقفيًا خيريًا تعاونيًا، لماذا يربط في بعض الدول بوزارة التجارة، أو بوزارة المالية، فربطه بإحدى هاتين الوزارتين دليل على أن سبيله التجارة ليس إلا، والله أعلم.

فالذي يحرم التأمين التجاري يلزمه القول بتحريم نظام التقاعد، فإنه نوع من التأمين، ومن أجاز التأمين الاجتماعي يلزمه القول بجواز التأمين التجاري، حيث لا فرق (١).


(١) نقدي للتأمينات الاجتماعية منصب على العقد دون ما يحتف بالعقد من مفاسد ومحرمات شرعية بسبب الممارسة والتطبيق، من الإيداع بالفوائد والاستثمار المحرم، لأن هذه الممارسات ليست من لوازم التأمين وأركانه، ويجب الحكم عليها وحدها، ولأن هذه الأمور من الممكن علاجها، وإن كان تشخيص الواقع مهما جدًا لمعرفة ما يحتف به من محرمات، كما أن نقدي ليس متوجهًا لنظام التقاعد في بلد معين، وإنما هو للنظام كنظام في سائر البلاد، فالكلام فيه يتعلق بالبحث الأكاديمي المجرد، وليس انتقادًا لجهة دون أخرى، وهو فيه مصلحة ظاهرة من جهة قيام هذا النظام بصيانة حياة الموظف والعامل بعد عجزهما، وصيانة حياة أسرهما، ولكن هذه المصلحة تجعل على أهل العلم مسؤولية القيام بالبديل الشرعي، وذلك من خلال نظام المضاربة بما يخصم من أموال الموظف، وإرجاعها إليه في كبره على شكل رواتب، ومن حفظ حقه وعدم حرمانه منها بسبب الوفاة، وتأهل الورثة؛ لأنها حق مالي أخذ منه، وعمل فيه، فالعائد المالي يستحقه مطلقًا، بعد خصم حق المضارب والمصاريف المستحقة، ولو طبق هذا النظام لاستغنى الموظف في آخر عمره، وتوفر له دخل أكثر بكثير مما تصرفه هذه الجهات القائمة الآن، وربما صرف له أكثر من الراتب المستحق له، خاصة أن شركات التأمين هي شركات رابحة في النظر إلى واقعها في السوق، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>