وأما قول الشيخ: بأنه قد يحصل عليها بثمن أقل، فيندم المشتري إذ كان يمكنه تحصيل السلعة من المصدر، وقد يحصل عليها بثمن أكثر من قيمتها، فيندم البائع، فيكون هذا كبيع العبد الآبق، والجمل الشارد.
فيقال: قد يكون كلام الشيخ رحمه الله مناسبًا للعصر الذي كان فيه، أما اليوم فقد يحرص المشتري أن يحصل على البضاعة من خلال التاجر، ولا يرغب في الحصول عليها من خلال الموزع، وذلك ليستعين بخبرة التاجر من خلال معرفته للسلع الجيدة من السلع المقلدة، فهو يعرف السلع جيدًا والفروق بينها، ومدى جودة كل سلعة، وملاءمتها للظروف، كما يرغب المشتري أن يكون الضامن للسلعة رجلًا معروفًا في السوق يستطيع أن يرجع إليه، إذا تبين وجود عيب، أو خلل، أو قامت حاجة إلى قطع غيار ونحوه، كما أن في الناس من لا يعرف قيمة الأشياء، فيستعين بمن يعرفها، فالتاجر يستطيع أن يشتري البضاعة بأقل سعر ممكن مما لو اشتراها الرجل العادي، فيطيب المشتري نفسًا أن يدفع ربحًا معلومًا فوق الثمن الذي دفعه البائع، ومع كل هذا فإن العرف التجاري اليوم، أن المنتج إذا باع بضاعته على الباعة أعطاهم إياها بسعر الجملة، وإذا باع على الأفراد كان لها سعر آخر، وهو سعر الاستهلاك، فلو رجع المستهلك إلى المصدر وجد تطابقًا بالسعر بين البائع، والمنتج، أو الموزع، وهذا عرف يحترمه التجار بينهم، لينتفع أهل السوق من جهة، ويكون سعر البضاعة موحدًا من جهة أخرى.
دليل من قال: يصح بلفظ البيع، ولا يصح بلفظ السلم.
ربما استدل صاحب هذا القول بأن الألفاظ لها دور كبير في تكييف المعاملة من الإباحة إلى التحريم، فمن دفع درهمًا، وأخذ درهمًا بدلًا عنه: إن كان بلفظ البيع اشترط التقابض في مجلس العقد، وإن كان بلفظ القرض جاز التأجيل،