والذي فرق بينهما هو اللفظ، فالسلم اسمه ومعناه: أن يسلم الثمن، ويتأخر المثمن، فهو أخص من البيع، فإذا جرت المعاوضة بدفع الثمن، وكان المثمن حالًا، لم يصدق عليه أنه من باب السلَم، وصدق عليه أنه بيع، فنشترط أن يكون بلفظ البيع، ولا يكون بلفظ السلم.
ويجاب عن ذلك:
بأن هناك فرقًا بين عقد القرض، وعقد المعاوضة، فعقد القرض من عقود الإرفاق، والإحسان، لم يقصد به الربح، بخلاف عقود المعاوضات، والسلم والبيع من عقود المعاوضات، فما يشترط في البيع يشترط في السلم، وذلك من العلم في المبيع، والعلم بالثمن، وانتفاء الجهالة والغرر ... الخ شروط البيع، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن العبرة في ألفاظ العقود بمعانيها، لا بألفاظها وقد قدمت فصلًا مستقلًا بأنه: إذا تعارض اللفظ والمعنى، قدم المعنى على الصحيح من أقوال أهل العلم، وقد انتقد ابن تيمية من فرق بين السلم الحال بلفظ البيع، وبين السلم الحال بلفظ السلم، فقال:«مستند هذا الفرق ليس مأخذًا شرعيًا، فإن أحمد لا يرى اختلاف أحكام العقود باختلاف العبارات، كما يراه طائفة من أصحابه .... يُجَوزون بيع ما في الذمة بيعًا حالًا بلفظ البيع، ويمنعونه بلفظ السلم؛ لأنه يصير سلمًا حالًا، ونصوص أحمد، وأصوله تأبى هذا كما قدمناه عنه بصيغ العقود، فإن الاعتبار في جميع التصرفات القولية بالمعاني، لا بما يحمل على الألفاظ، كما تشهد به أجوبته في الأيمان والنذور، والوصايا، وغير ذلك من التصرفات، وإن كان هو قد فرق بينهما، كما فرق طائفة من أصحابه، فيكون هذا التفريق رواية عنه مرجوحة ... »(١).