الخام، واستأجر الصانع ليصنع له منها شيئًا، فهذه إجارة، وليست من الاستصناع في شيء.
وكذلك لو طلب شخص من آخر ثمرًا أو حبوبًا موصوفة في الذمة، فهذا من قبيل السلم، يجب فيه تقديم الثمن، وسائر شروط السلم.
فالاستصناع: هو أن يطلب شخص من آخر عينًا ليست موجودة، وسيعمل البائع على صنعها، وجميع مواد الخام من الصانع، فهذا العقد بهذه الصورة ليس بيعًا مطلقًا محضًا، ولا إجارة محضة، ولا سلمًا، وإنما هو عقد مستقل، له شروطه الخاصة.
فالعقد: يقوم على تحويل مواد خام عن طريق العمل، وتحويلها إلى عين، تلك العين بعد الاستصناع هي المعقود عليها، وليس المواد الخام، والعمل في العين ليس معقودًا عليه، وإنما هو شرط في البيع، فما لم يشترط فيها العمل لا يكون استصناعًا، فكان مأخذ الاسم دليلًا عليه، ولأن العقد على مبيع في الذمة يسمى سلمًا، وهذا العقد يسمى استصناعًا، واختلاف الأسامي دليل اختلاف المعاني في الأصل (١).
وقد أشكل على بعض الباحثين كون الحنفية تساءلوا في عقد الاستصناع: هل المعقود عليه العين، أم العمل؟ وقد رجحوا أن المعقود عليه: هو العين، وليس العمل، ووجه الإشكال: إذا كان المستصنع معدومًا، فهو ليس عينًا؛ لأن العين: هو المعين، وهو ما يمكن الإشارة إليه، ويكون له ذات، وحيز من الفراغ، كهذا الكرسي، والبيت، والحصان، بينما العين المستصنعة تعلقها